مسحت على كتفي بحنية أم معتادة:
-مفيش تسرع ولا حاجة يا إيمان، اسألي قلبك، لو مرتاح كملي، لو مش حاسة بالراحة متكمليش، محدش يا حبيبتي هيغصب عليكِ في شيء، حتى لو كان مكتوب كتابكوا.
-المشكلة يا ماما إني مرتاحة، أنا بس خايفة، خايفة أكون اختارت غلط.
-حاولي تقربوا من بعض وتفهموا بعض أكتر، وصدقيني كله بيتحل بالتفاهم ... اعطي لنفسك فرصة يا إيمان.
ابتسمت وبوست راسها:
-هحاول يا ماما هحاول.
دخلت أوضتي وأنا جوايا ميت فكرة وميت احساس لكن الاحساس اللي مسيطر عليا أكتر هو الخوف.
خايفة أكون اتسرعت ... خايفة من المسؤولية الجديدة وحياتي الجديدة، خايفة أكون زوجة فاشلة.
-وحشتيني.
كانت رسالة منه، ابتسمت تلقائي أول ما شوفتها عسل والله.
-الله يكرمك.
بعتله الرسالة وأنا بضحك، متخيلة ريأكشن وشه دلوقتي.
ماكملش دقيقة ورد:
-نعم ياختي! الله يكرمني؟!
شُفت الرسالة ضحكت وماردتش فبعت تاني:
-أنا إيه اللي وقعني في الوقعة المنيلة دي يارب!
كشرت أول ما قرأت الرسالة وبعتت بسرعة:
-أنا وقعة منيلة يا ياسين؟!
ثواني وبعتلي ريكورد بصوته ...
-أجمل وقعة في حياتي.
سمعت الريكورد أكتر من خمس مرات، صوته لذيذ بجد، قمر ويتاكل أكل كدا.
-إيمان أنتِ بخير؟
صحيت على خمستاشر رسالة منه بيطمن إني بخير ومش زعلانة.
ياخبر! أنا نمت وأنا بكلمه!!!
كنت هرد وأقوله إني نمت بس لما لقيته بيتصل عملت نفسي عبده العبيط.
-إيمان مش بتردي ليه أنتِ بخير؟
رديت بصوت هادي:
-آه بخير.
-صوتك ماله أنتِ كنتي بتعيطي؟
حطيت إيدي على بوئي أكتم ضحكتي على صوته القلقان اللي بقاله خمس دقايق بيردد اسمي بدون مايسمع أي رد.
-إيمان ... صدقيني أنا آسف مكنش قصدي أزعلك.
- ...
- والله بحبِك.
ياختي ياختي على عصافير قلبي ياختي.
-طب أعمل أيه طيب؟
- ...
-طب أقولك تعالي نعمل فكرة جديدة ... كاعتذار مني ليكِ هنروح مخيم مع أخويا وخطيبته ... يلا جهزي نفسك وأنا هاجي أقول لعمي ونروح النهاردة.
قفلت في وشه بسرعة ... ياربي خروج ومخيم وأروح معاه ونتكلم وش لوش وطبيعي هيفتح موضوع الفرح ياربي!
نص ساعة بلف في أوضتي مش عارفة أعمل إيه، ارفض الخروجة؟
أجهز واخدها فرصة نفهم بعض اكتر
ولا ... أنام!
هنام.
وقبل ما اخطو تاني خطوة للسرير ماما دخلت عليا.
- ياسين جه.
جريت على السرير:
- قوليله تعبانة مش هتقدر تخرج.
ابتسمت وقعدت جنبي:
- لحد امتى كل ما يجي هتعملي نفسك نايمة وتعبانة ومشغولة.
- ياماما أنا ..
- انا عارفة إنك متوترة وخايفة ودا شيء طبيعي لكن اللي مش طبيعي إن الخوف دا يتعدى حده وإن لو محطتيش له حد هتهدميحياتك،ك أنتِ دلوقتي متجوزة يعني حياتك مش ليكِ لواحدك ياسين له جزء كبير من حياتك يعني أي حاجة هتعميها هتأثر عليه.
- علشان كدا خايفة يا ماما المسئولية كبيرة وخايفة أنا وهو نكتشف أن اختيارنا غلط بعدين...
- يبقى ماتعطيش لنفسك فرصة تكتشفي دا اتكلموا وقربوا وافهموا بعض والراجل عمل كل اللي عليه وزيادة علشان علاقتكم تبقى كويسة، الدور عليكِ.
سابتني وخرجت، وبدون مقدمات ولا تفكير قُمت جهزت وخرجت ... لازم أعطي لنفسي فرصة، على الأقل فرصة واحدة.
- أي الجمال دا؟!
ابتسمت فابتسم ومد أيده، حطيت إيدي في إيده وبصيت لماما وأنا مبتسمة فابتسمت وغمزتلي!
- نروح في العربية ولا في الاتوبيس معاهم؟
ركبت العربية بسرعة وقُلت: عربية أفضل.
في مدار حياتنا هندخل في علاقات جديدة، وهنقابل ناس جديدة لازم نتقبل الفكرة ولازم نكون مستعدين لها، أو على الأقل نحاول!
- تحبي تسمعي حاجة؟
أخدت نفس طويل وطلعته بهدوء:
- حابة أسمعك أنتَ يا ياسين.
- تسمعيني؟!
- آه احنا المفروض متجوزين ولسه منعرفش بعض كويس، عارفة إني كنت حاطة حدود زيادة في فترة الخطوبة وماعرفناش بعض وعارفة إن دا غلط مني ... وأنا عايزة أصلح الغلط دا وعايزة أسمعك، أعرفك أكتر ... ممكن؟
- دا ممكن أوي أوي.
الحياة بسيطة وسهلة، بس نظرتنا ليها اللي بتخليها مُعقدة
حاول تاخد الأمور ببساطة، حاول تصدق أن الحياة يوم وليلة جاين نعيش كل لحظة فيهم بحلوها وبمرها ... فبلاش نضيع لحظة واحدة واحنا قاعدين لا عارفين نفرح ولا قادرين نزعل! بلاش نبطل نحاول.
سندت وشي بين إيدي وبصيت له : وبعدين؟
- ولا قابلين يا ستي جـ ...
بصلي وسكت وقال فجأة: عيونك جميلة ... جدًا.
اتوترت وبصيت بسرعة قدامي، فابتسم وبص قدامه وكمل سواقة في هدوء.
ياسين شخص لذيذ وعفوي جدًا، كان بيحكي عن حياته بكل عفوية، كنت بسمعه بهدوء بضحك لما يضحك وبكشر لما يكشر وببتسم لما يبتسم زي الهبلة من غير ما أحس أنا بعمل أي!
مش عارفة إنسان جميل زي دا وقع في واحدة معقدة زيي ليه؟!
- تعرفي أنا جايب كيكة بالشوكولاته ..
- بجد! فين؟!
- هتلاقي كيس في الكرسي اللي وراكِ، جايب فيه تسالي كتير.
أخدت الكيس وفتحته بسرعة:
- الله الله، شكرًا جدًا.
بصلي وكشر: شكرًا أي دي حاجات ليا مش ليكِ.
رفعت حاجبي: والله؟
ضحك: خلاص خلاص بهزر، بالهنا على قلبك.
مانكرش أن ياسين أفضل ونس لأي حد في طريق طويل زي دا
حكاويه مبتخلصش وضحكته تطيب القلب، وصوته البشع وهو بيغني لطيف خالص وجميل، ولذيذ جدًا.
-الليل وسماه ونجومه وقمره، قمره سهرُه وأنتَ وأنا يا حبيبي أنا.
كان بيدندن بروقان وأكنه عبد الحليم، واضح إنه مش سامع صوته!
سندت راسي على كتفه فبصلي باستغراب، مهتمتش لاستغرابه وغمضت عيني، صوته بيعلى وأنا مش قادرة ما اضحكش!
-تعرف ... صوتك بشع أوي.
ضحك: أوي؟
- أوي أوي.
علىّ صوته وهو بيغني: الليل وسماه ونجومه وقمره، قمره سهرُه وأنتَ وأنا يا حبيبي أنا.
- خلي بالك مينفعش تقعدي لوحدك ممكن يطلعلك ذئب ياكلك.
ضحكت وجِه هو قعد جنبي.
- ها مبسوطة؟
- اكيد الجو هنا لذيذ أوي، الهوا خفيف واللمة حلوة.
- الله! طب طالما اللمة حلوة أول ما جينا سحبتي نفسك وقعدتي لوحدك ليه؟
أخدت نفس طويل وزفرته بهدوء، بصيت للقمر ورديت:
- عادي كنت بفكر.
- وياترى زوجتي قرة عيني كانت بتفكر في أيه؟!
الخوف تاني!
نفس التوتر
ونفس الرهبة من فكرة وجود حياة جديدة هدخلها كمان كام يوم!
أنا... أنا خايفة
ومش مستعدة، مش مستعدة إطلاقاً!
- أنا ...
- مالك في أي؟!
قُمت بسرعة: مافيش أنا هروح أقعد معاهم.
روحت قعدت معاهم، دقات قلبي عالية، أنا مش عارفة ليه خايفة؟ ليه مترددة كدا؟
-أنا كيان، إنتِ اسمك ايه بقى؟
بصيتلها بابتسامة صغيرة:
-وأنا إيمان.
-تشرفنا يا إيمان يا لطيفة.
-دا لطفك.
-شايفاكي قاعدة ومتوترة مالك؟
-ها؟ لا مفيش أنا تمام.
-عيونك مش بتقول كدا خالص.
قالت بصوت عالي:
-طب يلا يا شباب نتجمع كلنا ونلعب لعبة جميلة خالص.
الناس بدأت تتجمع، وشخص جه قعد جمب كيان، وهي بدأت تشرح قواعد اللعبة.
-هنلعب لعبة تشبه للعبة الصراحة شوية، بس باختلاف إن كل واحد هيتكلم عن شريكه مش عن نفسه، هيوصفه ويوصف احساسه ناحيته.
الكل رحب بالفكرة، وبدأوا يتفاعلوا عليها، لحد ما الدور جه على كيان، وأنا اللي كنت بعدها، كنت متوترة وخايفة، لكن أول ما بدأت كلام ركزت في كلامها.
-أنا كيان، متجوزة، بقالي 3 شهور متجوزة، وكانوا أجمل 3 شهور في حياتي.
بصت للشخص اللي جمبها ومسكت ايده، وكملت:
-دا غيث، قصتنا قصة مختلفة شويتين، بدايتها بداية عادية خالص، شاب اتقدم لبنت، لقيته شاب مناسب فوافقت عليه، كانت ملتزمة بكل شيء، مكنتش عايزة تتخطى أي حواجز، مكنتش عايزة تقع في أي غلط عشان ربنا ميعاقبهاش فيه، كانت في أوقات بكون فيها بعيط وحزينة، لكنني بستقوى بنفسي، وبرجع أكون بخير تاني، مش عشان أكون بخير على كلمتين حلوين والسلام، رغم إنه كان بيحس بيا، كان دايما كل ليلة بعد ما بعيط لوحدي أصحى الصبح على رسالة تريح قلبي وتنسيني زعلي، كل الزعل كان بيهون وبيروح بسببه، كان بيحس بيا رغم إني عمري ما اديتله فرصة، كنت عارفة إنه بيحبني، كان بيبان في عيونه، وأنا ست ميليقش بيها غير الحب، بس كان في مشكلة.
رديت أنا عليها بسرعة:
-كانت ايه هي المشكلة؟
بصت في عيوني وابتسمت وكأنها فهمت خوفي:
-إني كنت خايفة، خايفة اختياري يكون غلط، خايفة يكون مش هو الشخص الصح ليا، خايفة يكون مش نصيبي، وخايفة ربنا يعاقبني على حاجات غلط عملتها فيه زمان، خوفي الأكبر كان من إني بدأت أميل ليه وقلبي بدأ يرتاح، يرتاح ويحب ويرق ويميل بكلمة وبنظرة منه.
سألتها بلهفة منتظرة ردها بفارغ الصبر:
-وعملتي ايه عشان تتغلبي على خوفك؟
بصت لغيث وابتسمت بحب حقيقي:
-مشيت ورا قلبي واحساسه وصدقته، مشيت وراه لأنه يستاهل، ولأني حبيته، ولأني حسيت إن عمره ما هيأذيني، واتأكدت من دا دلوقتي، لأنه عمره ما أذاني، وعمره ما خلاني أنام معيطة في ليلة، لأن مهما كنا زعلانين أو متخانقين بيراضيني، حتى لو أنا الغلطانة، ولأني مش بتكسف أبين حبي ليه، فأنا بقول قدام الكل إني بحبه.
حضنها في مشهد خطف قلوبنا كلنا، لدرجة إني ابتسمت عليهم، دعيتلهم في سري ربنا يديمهم لبعض دايما، ولأنهم يستاهلوا كل خير، ولأنهم حلوين جدا.
-دورك يا إيمان، اتكلمي عن ياسين.
اتوترت ومقدرتش أتكلم، بصيت لياسين فقال بسرعة: ينفع أتكلم أنا؟
بصيت لكيان فابتسمت:
- ينفع.
مسك ايدي بهدوء، رعشة خفيفة صابتني لكني ابتسمت، أخد نفس طويل وبدأ يتكلم:
- الجواز بالنسبة بيا مش مجرد زوج وزوجة وبيت وعيلة صغيرة، الجواز بالنسبة ليا حياة جديدة وعالم جديد، لازم أكون داخلة بإرادتي ومختار كويس الشخص اللي يشاركني تفاصيل العالم دا، ست تفهمني وأفهمها، نبني احترام بينا، وحب ...
ست جميلة، وحنينة، وعاقلة وتقدر تكون أم قبل زوجة، ولأني فضلت كتير أدور على الست دي كان لازم أكون الشخص اللي تحبه، حافظت على قلبي من كل الفتن اللي حواليا، علشان أوهب قلبي لها هي بس، لذلك أنا وهبت قلبي ليكِ.
بصلي وابتسم: أنتِ أول واحدة يدق لها قلبي يا إيمان علشان كدا أنا اختارتك.
دقات قلبي بتزيد، ضحكت بفرحة غريبة مش فاهمة معناها، أول مرة أحس إن الجو لطيف بالشكل دا، أول مرة أحس إني عايزة أجري.
الدور بدأ يلف على الكل وأنا مش مركزة على حد، مركزة بس على عيونه.
قربت منه:
- عايزة أجري.
- أعطيكِ حاجة أجمل من الجري؟
- إيه؟!
- حضن مثلًا؟
برقت بخضة:
- نعم!
ضحك: مالك مالك في أي! أنا بهزر.
بلعت ريقي: هه كنت عارفة.
ضحك وبص للشباب وبدأوا يلعبوا وأنا توهت في أفكاري، بس المرادي كنت بحلم، بحلم ببيت كبير وطفل صغير ... وياسين.
- مش كنا نقعد شوية كمان؟
-مكنتش هقدر أنام برا بيتي يا ياسين.
- ماشي ياستي أنتِ حرة، لو عايزة تنامي حطي راسك على الكرسي وغمضي.
قربت منه ولفيت أيدي حوالين وسطه.
- إيه... إيه دا!
غمضت عيوني وابتسمت: أصل اكتشفت إن الحضن فعلًا أحسن من الجري.
نسمة الهوا ونور القمر، وصوته وهو بيغني بصوته البشع وبيقول: الليل وسماه ونجومه وقمره، قمره سهرُه وأنتَ وأنا يا حبيبي أنا.
كان كفيل يخليني أعطي لقلبي فرصة للحب!
ليه لأ.
تعليقات
إرسال تعليق