_مين الغبي!!
_ اقفلوها الميه نزلت عندي تلج فالحمام!!
_خلاص ياجدع أنت هقفلها.
كان صوت زعيق سمعته من بين صوت المية اللى مصدرها الدش، فضلت كام دقيقة استوعب صوته اللى من خمس سنين مسمعِتوش، قفلت الحنفية بالامبالاة، حطيت الكوبيات على الرف بعد ماغسلتها، وطلعت الصالة قعدت جنب ماما بهدوء.
_مكنش ليه لازمة تتعبي نفسك يا دعاء أنا كنت هغسلهم.
_برضو كدا يامرات عمي، عادي لا تعب ولا حاجة.
_حمدالله على سلامة ياسين ياكوثر.
_الله يسلمك ياحبيبتى.
بعد فترة مش طويلة خرج ياسين، شكله كان متغير شوية، لأ شويتين تلاتة، بس أحلو وشكله بقي أوسم، كان بيمشي بِهدوء وعينه في الأرض، حتى لما كان يجي عندنا من ساعة ماكبرنا كان يحط عينه في الأرض.
_السلام عليكم.
_وعليكم السلام، حمدالله على سلامتك يابني.
قالتها ماما وهي مبسوطة لشوفته ومداله أيدها علشان تسلم عليه، بس نظراته كانت على أيدها نظرة إرتباك وحيرة، لكن في النهاية سلم عليها، ياسين عنده وسواس قهري.
كنت ماسكة التليفون بإندماج، وماما جنبي بتفصص البسلة وبدون ماتبص عليا اتكلمت.
_فيه عريس متقدملك.
رديت من غير مابص عليها.
_ويبقى مين دا اللى امه داعيه عليه.
_ياسين ابن عمك.
قلعت النضارة وانا بقفل الفون.
_ناااااعم ياماما!
_نعم الله عليكِ ياقلب ماما.
قالتها وهي بتحط في بوقي بسلة، إللى اتفتح من الصدمة.
_ماما الكائن دا لو أخر واحد في الدنيا أنا مش موافقه عليه، دا مجنون!!
_عمك ومراته كويسين مش عايزين نزعلهم مننا، وبعدين ابن عمك زي الفل زوق وأدب وأخلاق وبشمهنمدس قد الدنيا وبيشتغل فالكويت عايزه إيه تاني!!
_وأنا مالي أنا يزعلو ولا ميزعلوش، مش على حساب قرمط يعني، وبعدين ياحبيبتي بقولك دماغه لاسعه.
_ابن اخويا مش مجنون، هو علشان الولد نضيف ومُنظم يبقي مجنون! طبعا مانتِ مش متعودة على النظام وحياتك مهرجلة.
قالها بابا اللى دخل ياكل بسلة اللى امي بتفصصها، هي إيه العيلة اللاسعه دي كلها، بس الجوازه دي على جُثتي.
_ها يا دعاء أنتِ ايه شروطك؟
لا واللهِ يعني عمك ومرات عمك ينفضولي ويقعدوني غصب معاك وأنت عامل نفسك ديموقراطي وبتسألني على شروطي!
_دعاء أنتِ معايا!!
قطع سرحاني وهو بيحرك ايده قدام وشي وبيتكلم.
_اه معاك، معنديش شروط غير شُغلي بس.
اتكلم بعملية:
_تمام جدًا، بس أنا عندي شرطين.
رديت باستفزاز:
_يتربوا في عزك.
_هما مين؟
_الشرطين.
كان أحد شروطه إن أحنا نتجوز بسرعة لأن إجازته قليلة، والشرط التاني قالي لما نتجوز هقولك عليه، وهوبا قرينا فاتحة هوبا أتخطبنا هوبا كتبنا الكتاب هوبا النهاردة فرحنا، في شهر يامؤمنين! شهر!! دا لو زارعين بصلة مكنتش كبرت، حسبي الله ونعم الوكيل.
_يلا نرقُص.
بصلي بزُعر وقال:
_نرقص!! لا طبعا مينفعش.
_يعني ايه دا!! اومال هما مشغلين أغنية للرقص السلو لمين!!
هو أيه الفرح اللى مش هرقص فيه دا؟ لا وكمان فرحي وأنا العروسة! ياحظي المنيل ياما.
شاورلي على الاوضه وقال:
_دي اوضتك، واللى جنبها اوضتي أنا، وكل واحد فينا ليه الاطباق والكوبيات والمعالق والمستلزمات الشخصية دي لوحده، ودا كان شرطي التاني من قبل الجواز.
_هي الأطباق والمعالق بقت مستلزمات شخصية!!
_ايوه طبعًا.
_وكل واحد ليه أوضه!!
بصلي بإيجاب وقال:
_ايوه.
نفخت وأنا برفع فُستان الفرح لفوق وبقول:
_هو حضرتك متجوز ليه يا أستاذ ياسين!
_علشان ماما عايزه كدا وبتقولي أنت كبرت والكلام دا.
_ماشي واختارتني أنا ليه؟
_هي اللى رشحتك ليا، وأنا وافقت.
_رشحتني!! هو احنا في مجلس الشعب!!
_دعاااااء.
خرجت من المطبخ على صوته.
_نعم ايه بتزعق ليه كدا.
_أنتِ ازاي سايبه الأطباق بباقي الاكل وقشر اللب دا هنا، إيه العك دا.
اتكلمت باستفزاز:
_وايه يعني لما اسيبهم هنا، هما في بيت حد غريب!
قبض على ايده بغيظ.
_دا انتِ مُستفزه.
مجنون لا دا مجنون خالص، عدىٰ أسبوع على جوازنا، لازم كل حاجة تكون مترتبة ومظبوطة بالمللي سواء اكل أو رصة الأطباق أو تطبيق الهدوم، الشقة لو مرمية فيها حاجة يقعد يزعق ويتعصب، أيده يغسلها ١٠٠ مره، مش بيلمس حتي ايدي أبدا، كان مستخبيلي بس فين الولا المز العبيط دا.
_أنا تعبت يادعاء يعني همشي وراكِ الشقة ارتب وانضف!
_وترتبها ليه يابني ماتسيبها كدا.
رفعلي حاجبه وهو بيربع ايده قدامه:
_دي كدا هتبقى زريبة.
_زريبة!!
_أيوه طبعًا.
قربت عليه بغيظ فرجع لورا بخوف.
_متلمسنيش أوعي.
عرفت ايه أكتر حاجة بتخوفه فقررت استغلها، فقربت اكتر
_ليه بس يابيبي.
_بيبي!
_أيوه طبعًا
_ابعدي عني لو سمحتِ.
_ولو مبعدتش!
بصلي بصه مِشمُحترمة وقال:
_وأنا مش عايزك تبعدي.
بدأ يقرب هو، وأنا بدأت أبعد، طب وبعدين فالفيلم الهندي دا، لأ بتقرب أوي كدا ليه يخربيتك، جريت على أوضتي وأنا سامعه صوت ضحكته قليل الادب المشمحترم دا.
_متبقيش تلعبي تاني معايا طالما مش قد اللعب.
خبطة هادية خبطت على باب اوضتي، دخل وهو بيقرب مني بهدوء يشوفني صاحية ولا نايمة.
_دعاء
_اممم.
_أنتِ نايمة؟
_لسه.
_طيب قومي عايزك.
قعدت وأنا بتاوب لأني كنت هنام.
_ها؟
كان تقريبا عايز يقول حاجه ومكسوف، ولما بيكون مكسوف بيمشي ايده في شعره.
_كنت...يعني عايزك تيجي تنامي معايا فالاوضه.
_استغفر الله، ايوه كدا بان ع حقيقتك.
_يابنتي أنتِ مراتي.
_ايوه صح، يعني ليه برضو؟
_...
_إيه؟
_لو قولتلك مش هتقولي عليا مجنون؟
_لأ مش هقول كدا، احكيلي.
_بصراحة بفكر من الصبح في، في...إن فرضًا حد دخل علينا وموتنا وأحنا نايمين، وممكن يموتك وابقي أنا السبب في موتك، وأنا خايف عليكِ، ومش قادر انام.
دماغي عملت إيرور لدقيقة، ومفيش فإيدي غير إني اهاوده، حسيته طفل صغير، وروحت معاه، اتأملت ملامحة اللطيفة، وافتكرت ذكرياتنا وأحنا مع بعض لما كنا صغيرين، وعيني راحت فالنوم وملامحه.
الايام بتعدي بسرعه مع أنها مش حلوة ولا حاجة بس اهو بقي روتين إن نصحى الصبح نتخانق على حاجة، وعلى الاكل تقوم مشكلة برضو، لكن أنا صعبان عليا، صعبان عليا جلدة اللى بيتهري من الغسيل خوفا من الجراثيم، بيصعب عليا إنه مش بيخرج ياكل آكله حلوه برا مع صحابه مثلا خوفا من الاكل يكون مش نضيف، بيصعب عليا إن لما بيكون تعبان مش عايز حد يلمس ايده حتي، بني آدم بيهلك نفسه في التفكير والنضافة الزايدة ويضيع وقت ومجهود في حاجات وأفكار متستاهلش كل دا.
كان في المطبخ بيرتب الكوبيات جنب بعض كعادته، دخل الحمام يغسل ايده للمره الالف.
_ياسين انجز الاكل هيبرد.
_اهو جاي.
خرج قعد على الكرسي وهو بيوازي الأطباق جنب بعض، طلع كوباية بلاستيك اللى بيستعملها مره واحده بعدين يرميها، حط فيها ميه من القزازه المعدنيه اللى لازم تكون مقفولة، وبدأ ياكل ودا روتينه فاتعودت عليه.
_ياسين.
قولت اسمه بنبرة حنونة وهدوء لأول مره احس بيهم، قربت منه كأني بقرب من طفل صغير والطفل دا ابني، روحت امسك ايده فبعد عني.
_ياسين، مينفعش كده.
_إيه اللى مينفعش.
_حياتك.
_مالها حياتي.
_مش طبيعية.
_لا طبيعية.
انفعلت.
_لأ مش طبيعية إنك تغسل إيدك لحد ماجلدك اتقشر دا مش طبيعي إنك تخاف من إن حد يلمس ايدك أو إنك تاكل برا دا مش طبيعي، دا حتى أغلب الاكل أنت إللى بتطبخه لأنك مش واثق فيا! دا غير الحاجات الغريبة اللى بتفكر فيها اللى مستحيل تحصل!
_وإيه يعني لما اخاف على نفسي.
_بس دا خوف مش طبيعي.
_يستي وانتِ مالك كنت اشتكيتلك!!
_تمام.
اسبوع مكلمتوش من ساعة حوارنا دا، أنا فعلا غلطانه، اشغل بالي ليه بإنسان زيه هو حر، كنت قاعدة بقرأ كتاب، خبط الباب ودخل، مرفعتش عيني من على الكتاب، حسيت بيه بيقعد جنبي.
_ممكن اخد من وقتك خمس دقايق.
قفلت الكتاب وقلعت النضارة.
_نعم
_ايه الرد الناشف دا!
_نعم بالسُكر، كدا حلو!
قرب مني فارتبكت، وبص لي بتركيز
_بصراحة انتِ الى حلوة وأنتِ رافعة شعرك لفوق كدا.
مردتش، لكن قلبي دق لقربه لأول مره.
_دعاء حقك عليا، أنا عارف اخر مره اتكلمنا أنا كنت قليل الزوق معاكِ، بس فعلا أي حاجة بعملها من اللى قولتيهم فهي غصب عني، وعلى فكره أنا حاولت اروح عند دكتور نفساني واتعالج، بس مكملتش في العلاج حسيت أنه مش جايب نتيجه.
_لا هيجيب نتيجه بإذن الله بس جرب تاني وتالت، صدقني هتخف وتبقى تمام، بس لازم تتعالج علشان تقدر تعيش حياتك من غير خوف ولا قلق، حياه طبيعية، أنا معاك وجنبك ومش هسيبك.
قربت ايدي ومسكت ايده بحذر وكملت:
_مش أنت وأحنا صغيرين كنت بتقولي إن مامتك مجبتش ليك بنوته تلعب معاها فكنت تيجي تلعب معايا أنا وتقولي أنا عروسة باربي بتاعتك، مش أنا بنت عمك إللي كنت تيجي تحكي معاها ديما ونلعب، أنا منك قبل كل شئ، اه من ساعة ماكبرنا بعدنا عن بعض، وأنت ليك خمس سنين غايب، بس دا مانقصش غلاوتك عندي ولو واحد فالميه.
الحياة هديت وبدأت تتبدل شويه، بدأ يتابع مع دكتور وأنا كنت بشجعه في كل خطوة، بقينا أصحاب، اخر ليل نسهر سهرة رايقه نتكلم فأي موضوع.
_يابنتي ما كنتِ لبستي حاجة فلات وريحتي نفسك بدل مانتِ مش عارفه تمشي ولا تُقفي كدا.
_وأنا أعمل إيه يعني في النخله اللى ماشيه معاها دي!
_قصدك انا النخلة صح!
_فيه غيرك بمشي معاه يعني، بقولك إيه أنا عايزه اروح، روحني أنا زهقت من الفرح دا، وبعدين دا واحد صاحبك أنا مالى أنا اجي ليه!!
_تصدقي بالله أنا غلطان، تاني مره هسيبك لوحدك فالبيت.
مكنتش مركزه معاه، مركزه مع بنت شبه خلة سنان كدا ولابسه فستان خانقها من كل حته وحاطة الطرحه في نص شعرها وبتشاور عليا، وبتقول بصوت مسموع.
_هي دي مراته! إيه البتاع اللى لبساه مبينها كأنها جدته.
يانهارك ابيض! بتتريقي على خماري ابو ٤٥ جنية!!!، قطع تفكيري ياسين اللى شاور عليها بنفس الطريقة وهو بيقولي.
_إدعيلها.
بصيتله باستغراب، فكمل وهو بيحاوطني ويقربني منه وبيمشي في إتجاهها.
_اصلها تعبانة، حاطه الطرحة في نص شعرها وفاكره نفسها مُحجبة، يلا ياحبيبى نمشي من الفرح اللى فيه ناس عبيطه دا.
كنت مبسوطة من رده وتصرفه شطور حبيب ماما، خرجنا برا القاعة، وهو لسه محاوطني وكنا بنتمشى.
_هو الخمار وحش؟
_انتِ بتاخدي على كلامها! دي غيرانه منك، لأن كانت معجبة بيا أيام الكلية وانا صدتها.
اتكلمت بفخر:
_جدع يولا إنك صدتها لأنها بت صفره.
ضحك.
_صفره!
_ايوه صفره.
_ طيب كنت عايز أسألك سؤال.
_أسال سؤال
_هي البدلة حلوة؟
_ايوه.
_بجد يعني لايقة عليا؟
_جدا.
_بجد يعني مش بتجامليني؟ ولا بتقولي كدا علشان مزعلش؟
ياسين كدا مش بيقتنع بالحاجه بسبب الوسواس، قولت بهدوء وحب:
_البدلة لطيفة، بس أنت محليّها وجميل جدا وانت لابسها.
الجو كان مشتي فيه لسعة سقعه، السما رغم سوادها لكن الغيوم واضحة وشكلها لطيف، الجو كان مناسب للتمشيه وأنت معاك شخصك المُفضل وكل واحد فيكم ماسك كوباية حمص الشام كدا، ومطرة ياه.
_الدنيا بتمطر!!!
قولتها بفرحة طفولية وانا بسقف.
_يلا نروح.
_نروح ايه!!
_أنا مش بحب المطرة.
_تعالى بس.
_لأ، المية دي مش نضيفة.
_ياعم مش نضيفة إيه بس تعالي.
شديته من تحت المظلة اللى كان واقف تحتها.
_بص دلوقتي غمض عيونك وأفتح أيديك وبس، شم ريحة الارض لما تتبل بالمطر، واسمع صوت الميه الخفيفة، وبس.
فيه مشاعر كتير بنحسها وعنينا مقفولة، زي لما نضحك أوي لحد عنينا ماتقفل، أو نحلم حلم حلو وأحنا نايمين وعنينا مقفوله، أو لما نتخيل حاجة حلوه، أو لما نتحضن من حد بنحبه، أو لما نحاول نتأمل حاجة حلوه زي المطر، لأن المشاعر دي بنستشعرها بقلوبنا مش عنينا.
حسيت إيديه الاتنين بتحاوطني وهو واقف ورايا وعيونه لسه مغمضة، تقريبا وصل للمشاعر دي هو.
ست شهور عدو، وعدت حاجات حاجات كتيرة حلوه معاهم، ياسين خف بقي بياكل برا عادي، بقى يسيب الحاجة مكركبة بكل لامبالاة، وأنا وقعت فيه حرفياً، وقعت في ابتسامته في غمازته في هدوئه وهزاره وكل تفصيله أنا وقعت فيها، وهو الحلوف مش راضي ينطق بكلمة من أربع حروف.
_دعاء.
_نعم.
_هاتيلى ساندوتش الشاورما من اللى عندك دول، وبحبك، وكمان مخلل خيار.
_خد اهو الساندوتش، وأنا كمان، ومخلل الجزر احلى من الخيار.
"لم يكن أول لقاء بل تلاقت أرواحنا من قبل"
تعليقات
إرسال تعليق