|أديش في ناس عالمفرق تنطر ناس، وتشتي الدنيا ويحملوا شمسية، وأنا بـ أيام الصحو ما حدا نطرني|
خدت كُوبايه الشاي بـ النعناع بتاعتي ودخلت البلكونه، مع صوت فيروز وهو فـِ المكان، وقفت اتفرج على شكل المطر وهو بينزل، الناس وهي بتجري تتحامي تحت الشجر والمحلات، أطفال رايحه مدارسهم؛
كُنت ببص لكُل واحد وانا بفكر.. أن كُل واحد ليه قصه مكتوبة بأسمه..
بيبقي عندي فضول رهيب أني اسمع قصة كُل شخص،
مقتنعة أن كُل شخص ليه قصة هو بطلها، نهايتها حزينة أو سعيدة، لكن يظل هو بطل قصته،
وأن كُل نهاية ما هي إلا بداية لشئ تاني، يمكن أجمل!
قعدت وانا بحاوط حرارة الكوباية يمكن تدفي برودة الجو، ويمكن قلبي!
بفتكر أمتي هكون انا بطلة قصتي، هل ممكن أكون بطلة لـ قصة وحياة مفهاش غيري! علي ما أعتقد لا، ويمكن اةة؛
بس الأكيد أن أنا اللي محتاجة حد يشاركني حياة كاملة، شخص أشوف معاه الحاجات العادية.. حاجة مُبهرة،
محتاجة بطل لـ حكاياتي.
نزلت أتمشي تحت المطر شوية، علي كورنيش النيل ، شوية ودخلت الكافيه.. تقريبا أنا شاكة أنه بتاعي من كُتر ما باجي هنا، دايماً بختار مكان هادي لكن بقدر أشوف الناس كلها منه، كلمت سَند عشان تجيلي، هي ونيسي وقت ما بكون وحيدة، ويمكن هي الشخص الوحيد اللي فـِ حياتي.
~فيكي أية؟
_ولا حاجة!
~موج، هعيد سؤالي، فيكي اية!
_حاسة بالوحدة.
بصيت لي باستغراب
~ازاي؟
_يعني حاسة اني وحيدة، الوحدة بتاكل فقلبي، قلبي فاضي، خالي، محتاج حاجة تملاه، يمكن حُب، أمان، حد يشاركه حياته..
سكت لما لقيت نظرة حُزن فـِ عُيونها علي حالي! غيرت الموضوع واتكلمت
_او يمكن كوباية شاي بـ النعناع تدفي قلوبنا من البرد دة
ابتسمت لي وراحت تطلبلنا وجت
=أنتَ مقصرتش، هي اللي خسرتك، هي اختارت البُعد واختارت حد مش هيصونها، صدقني هي ماكنتش الخير ليك
•بس انا اللي حبيتها!
=وربنا محبهاش ليك، شايلك الأحسن
•انا رجعت وحيد تاني
انا مقصدتش اسمع اللي ورايا، لكن صوته الحزين خلاني اخد بالي من كلامهم، الظاهر أن في قلب تاني اتكسر، ورجع وحيد، زي حالي بالظبط
لقيت سَند بتندهلي
~موج ماينفعش كدة، عيب تسمعيهم
لكن أنا مش بس سمعتهم، انا لقيتني بقوم وروحت ناحيتهم لما صاحبه اللي معاه معرفش يرد عليه
_صدقني هي اللي خسرتك، خسرت قلب عرف يحب وروح كانت مشاركة لروحها، عوض ربنا يستاهل نستني عليه، هتلاقي اللي بيشاركك وحدتك دي، كُل نهاية بتيجي بتفتح معاها باب لـ بداية تاني، بداية قادرة تنسينا الحُزن والوحدة اللي أرواحنا حاسة بيها، واحنا علينا بس نستني، كُل واحد بطل لـ قصة، مترضاش تكون مجرد شخصية فـِ حين انك بطل لـ قصة فـ حدوتة تاني.
بصيت علي صاحبه اللي معاه لقيته بيبصلي وعلي وشه ابتسامة..جميلة، عُيونه بتلمع بطريقه غريبه، يمكن عشان انقذته، جايز، انا مش عارفه جبت الجرأة اللي تخليني أقوم واتكلم مع حد معرفهوش ازاي، لكن احساس الوحدة اللي جاله شبهني بروحي، واحنا كدة عايزين اللي يعرفنا أن مسير روحنا تتلاقي بـ ونيسها.
انا وسَند مشينا، روحت البيت ودخلت نمت.
تاني يوم روحت الشغل ورجعت أجهز عشان رايحين فرح صحبتنا، جهزت ونزلنا انا وسَند،
قعدنا شوية ووأحنا فنص الفرح لقيت سَند بتناديلي وبتشاور علي حد
~مش دة اللي كان في الكافيه!
_مين دة!
~اللي كان مع الولد اللي أنتِ كلمتيه
_ايوة افتكرته، هو فعلاً
~تفتكري بيعمل اية هنا وتبع مين؟
_بالله انا هعرف منين!
ضحكت
~خلاص خلاص، بس بصي بيبص عليكي، تفتكري عرفك؟
بصيت عليه لقيته فعلا بيبص عليا
_مش عارفه، أنا هخرج أقف برا شوية
سيبتها ومشيت، الصوت عالي، المكان زحمة، كُل دي حاجات روحي مبترتحش فيها، وقفت وانا مغمضة عيني ولسعه البرد اللي فـِ الجو بتخبط فـ روحي.
=مش غريبة أننا نتلاقي مرتين، صُدفة!
سمعت صوت ورايا، لفيت لقيته هو،
بصيت فـ عُيونه شوية ورجعت لفيت وغمضت عيني زي ما كُنت،
حسيت بيه وهو بيقف جمبي وباصصلي،
اتكلمت وانا لسه مغمضه عيني
_مقتنعة أن الصُدف دايما وراها رسايل، يمكن معرفش اية الرسالة ورا لُقانا لكن بكرة نعرف، وبُكرة مش بعيد.
قولت كدة وكُنت همشي، أرجع القاعه، لكن لقيته اتكلم
=هرجع أقابلك تاني، صُدفة؟
لفيت له واتكلمت
_لو فعلا الصُدف وراها رسايل، يبقي أكيد هنتقابل.
مشيت، طول الطريق كُنت بفكر، هو فعلاً ممكن تكون الصُدفة اللي خلتنا نلتقي مرتين تكون حاملة رسالة!
محبتش أفضل أفكر كتير، زي ما قولت لو الصُدف وراها رسايل، فـ بكرة نعرف.
عدي كام يوم، لحد ما قررت أني أنزل تاني واتمشي، رجلي ودتني علي كورنيش النيل، نفس مكاني بتاع كُل مرة، بحب أشكي همومي ليه، أتفرج علي شكله، رغم أنه يبان هادي لكن مليان حكاوي،
اتمشيت شوية وبعديها دخلت الكافيه، قعدت فنفس مكاني
كُنت بقرا كتاب، لحد ما لقيت حد واقف قدامي، بصيت له لقيته هو، معقولة صُدفة للمرة التالته!
=مش معقول! مستحيل! اية الصُدف دي! معقول للمرة التالتة!
ضحكت علي ملامحه المبالغ فيها واللي باينه من عُيونه أنه بيكدب،
_أنتَ بتعمل اية هنا؟
=انا باجي هنا علي طول
ضحكت وكملت
_لكن انا اللي باجي هنا علي طول وكانت أول مرة أشوفك لما كان معاك صاحبك!
=انا كمان عمري ما شوفتك غير لما كان معاكي صحبتك، لكن أنا.. انا دايما هنا حتي أسألي فادي
_فادي؟
لقيته بيشاور علي ويتر،
_اةة قصدك مصطفي!
ضحك لما فهم اني عارفه انه بيكدب، شدّ كرسي قدامي وقعد
=تسمحيلي أشاركك وحدتك، وأوانسك؟
_أنتَ قعدت خلاص
ضحكت علي ملامحه، ببص عليه لقيته باصص لملامحي وعلي وشه ابتسامه هاديه وجميلة، لكنها غريبة! تشبه لـ أبتسامته أول مرة
لما قال "أشاركك وحدتك" للأمانة قلبي فرح، أحساس أن حد يشاركك حياتك دة بيخلي روحك كأنها طايرة، بتحسسك انك رجعت طفل صغير تاني!
ابتسمت لملامحه اللي كأنها حاضنه روحي،
_عرفت أني هنا ازاي؟
=اية؟ دة انا جاي صُدفة جداا
ضحكت وكملت
_باين انك بتكدب اويي علي فكرة
=احلفي؟
خلاص هعترف، كُنت باجي هنا كُل يوم علي أمل اني أشوفك، كُنت مستني الصُدفة اللي هتجمعنا للمرة التالتة، لكنك ماكنتيش موجودة!
كمل بنفس الابتسامه المرسومة علي وشه
=لكن انهاردة جيت، وكُنتِ موجودة، ولتالت مرة أقدر أقولك أن الصُدفة جمعتنا
معرفتش أرد على كلامه، وهو حس بكدة فـ غير الموضوع وطلب لي شاي بـ النعناع، وهو قهوة، اتكلمنا شوية وكان المفروض أروح
قالي أنه هيتمشي، أصل بيته من هنا،
_أنتَ واخد بالك انك مش بتعرف تكدب!
=انا؟ أكدب؟ دة انا عمري ما ك...
قطعته وانا بضحك علي ملامحه المصدومة، اتكلمت وانا لسه بضحك
_حتي دلوقتي بتكدب كمان
بص عليا وابتسم ورجع يبص قدامه
=أحياناً بدون أي تخطيط الصُدف بتجمعك بـ روح تانية، ساعتها روحك بتكون مبسوطة بـ المكان اللي هي فيه، بتحس أنه مكانها من زمان رغم أنها ممكن تكون مشافتهاش غير مرة! بتخليك تحس أن دة مكانك، وهو دة اللي هيفضل مشارك روحك تفاصيلها
_تعرف اني وحيدة، مليش غير سَند، صحبتي اللي أنتَ شوفتها معايا،
لما لقيت صحبك موجوع أنه رجع وحيد، حسيت بيه، انا عمري ما كُنت جريئة اني اقف واتكلم مع حد معرفهوش، لكن محبتش يحس أنه وحيد، زيي
بص ليا واتكلم
=سمعت بنت كانت بتتكلم بقوة رغم الحُزن اللي كان فـِ عيونها قالت "تعرف أن عوض ربنا يستاهل نستني عليه، اننا هنلاقي اللي نشاركه وحدتنا دي، وكُل نهاية بتفتح معاها باب لـ بداية جديدة، بداية قادرة تنسينا الحُزن والوحدة اللي فروحنا، وان كُل واحد بطل في الحدوته بتاعته"
وقفنا علي الكورنيش شوية، بصيت للنيل قبل ما أرد عليه
_لكن روحك بتزهق وتمل من كتر الوحدة! انا محتاجة لأني أشارك تفاصيل حياتي مع حد، يسمعني بروحه، أنتَ عارف؟
=عرفيني
_لما قولتلي انك عايز تشاركني وحدتي وتنوسني، يمكن طلعت منك بعفوية، لكنها لمست روحي، لأني فعلا محتاجة" ونيس لروحي"، مكان أمن اتحامي فيه من شر الوحدة!
ابتسم وابتدي يتكلم
=قولتيلي أن الصُدف وراها رسايل، وأنك مش عارفه اية الرسالة اللي ممكن تكون ورا لُقانا لكني عرفتها من أول ما ابتديت أدور علي صُدفة جديدة هتجمعنا.
ومع أني عارفه هو عايز يقول اية لكني سألت،
_واية هي الرسالة اللي الصُدف بعتاها؟
كُنت ساندة أيدي علي السور، لقيته بيضمها بكفوفه
=بتعرفك انك لقيتي ونيس روحك من اول مرة شوفتيه فيها ساعت الكافيه، من اول ما شاف قوتك اللي بتتكلمي بيها وكأنك أنتِ اللي محتاجة تسمعي الكلام دة، من أول ما الصُدفة قررت تجمعهم تاني، وهو قرر أنه هيبني هو الصُدفة التالتة
بصيت له باستغراب قبل ما يكمل
=دايما أرواحنا هتتلاقي وهكون ونيسها، لكن مش بـ الصُدف
سألته بعيوني عن قصده! ضحك وكمل
=اصلي قررت أخد روحك واحطها فـ بيتي، عشان حابب اسمع تفاصيل حكاياتك كُل يوم
_أقولك علي سر خطير؟
اتكلم بصوت واطي
=متقوليش! أنتِ اللي قتلت..
_شش، مش انا اللي قتلته، سر تاني غير دة
ضحك بصوته كُله فضحكت معاه
=طب قوليلي
اتكلمت بصوت واطي انا كمان
_تعرف اني لقيت بطل حكاياتي وونيس وحدتي!
=مين
اتكلمت بصوت اوطي
_أنتَ
قولت جملتي وطلعت أجري وانا بضحك، كان بينادي عليا وهو بيجري معايا، ولأول مرة أقدر أقول إني مبقتش وحيدة، ولقيت وَنس، وحبيب!
"ونيس أيامي، أو ربما "باقي عمري"
تعليقات
إرسال تعليق