*لا دي هرمونات عادي، وبعدين؟
-بزهق: وبعدين ايه يا روضة؟، زعّقتلها.
*بزعيق: غبي، باللهِ غبي، زعقت لِـ روان؟.. قابِل النكد اللي بجد بقى.
-انتي بتخوّفيني ليه؟
*عشان انت غبي.
زقّيتها بغيظ لما زعّقت في وشي مرة واحدة، وبعد شوية سيبتها ومشيت، دخلت على أوضتي، وبتوتر قرّبت من التليفون وأنا بفكر أرن على روان أصالحها، روان تبقى صاحبة أختي المقربة و"زوجتي"، كتبنا الكتاب من شهرين والفرح كمان تلات أسابيع.. وبجد أنا مش عارف أفهمها صح.
سيبت التليفون بعد شوية لما حسّيت إني مش عارف أعمل إيه، وبزهق رميت نفسي على السرير، عيني على سقف الأوضة الأبيض، وبهدوء بدأت أدندن على أنشودة جت في بالي.
•على فِكرة يعني.. الاهتمام مبيطّلبش.
اتعدلت لما سمعت صوت الإشعار، وضحكت جامد لما شوفت الرسالة، تجاهلت كل الرسايل التانية اللي جاية من صحابي وبسرعة دخلت أرد عليها:
-وعلى فِكرة انتي اللي اتقمصتي وقلتي هعمل بلوك.
•ما انت الغلطان.
-لا والله؟
•أيوا، يعني ايه أقولك مش طايقاك فجأة بعد ما كنا بنهزر وكويسين فتقوم تزعّقلي وتقولي بصوت يخوّف "روااان، اتعدلي" لا وبتمد الألف بتاعة اسمي كمان.
قريت الماسدج مرة واتنين وتلاتة، ومرة واحدة لقيتني بضحك من قلبي، عمر ما كلامها التافه ومبرراتها الأتفه ما فشلت في إنها تاخد مني ضحكة صافية طالعة من قلبي، وبالرغم من إننا مبدأناش نتعرف على بعض غير من بعد ما كتبنا الكتاب وبالرغم من إني لسة مش فاهم شخصيتها كلها.. إلا إني بعترف كل يوم قدام كلامها إنها لطيفة بجد.
قفلت الواتس، وبسرعة رنيت عليها، كنت عارف انها هترد بعد تلات ثواني بالظبط وفعلا حصل، وكإن التلات ثواني دول هما اللي هيعملولها كاريزما!
-من قبل ما تتكلمي، على فكرة أنا مش غلطان؟
•انت بترن عشان تتخانق يا يونس؟، اقفل تاني، اقفل تاني.
-انتي قفوشة أوي على فكرة.
•أنا زعلانة على فكرة.
اتنهدت ووقفت طلعت البلكونة، سندت على الترابزين وابتسمت، وبهدوء:
-وست الحُسن زعلانة ليه؟
سمعت تنهيدتها فابتسمت، وبعد ثواني لقيتها بتتكلم:
•عشان انت زعّقتلي يا يونس.
-ما انتي اللي هتجنيني.. يعني كنا بنهزر وكويسين ومرة واحدة ألاقيكي بتقوليلي مش طايقاك، بذمتك المفروض أعمل ايه؟
•تستحملني وتراضيني، وتجيبلي حاجات حلوة وتفرفشني و..
-قاطعتها: تحبي أرقصلك بالمرة؟
•شهقت: ولد.. عيب كدا.
ضحكت على طريقة كلامها، وبعد ثواني سكت، دقايق عدت في صمت لطيف محدش قطعه، وبعد فترة قرّرت هي تقطعه:
•يونس.
-عيونه.
•هو انت ممكن..
سكتت فكشّرت، وبغيظ:
-ما تكمّلي كلامك.
•لا خلاص مش مهم.
اتنهدت بغيظ من حركتها، بس بسرعة:
-ما تيجي نقدّم الفرح.
•لـ.. ليه؟
-نفخت: عشان زهقت مثلا؟
•بـ.. بـ.. بس..
-روان اهدي، دا اقتراح مش أكتر.
•يونس سلام دلوقتي، أنا هنام.
قفلت بسرعة وأنا اتنهدت، أنا عارف إنها خايفة من المسؤلية، وعلى حسب كلام روضة اختي فهي مش خايفة بس.. دي مرعوبة من المسؤلية، بس دا شئ كدا كدا لابد هتتحط فيه، وللأسف مهما حاولت تهرب منه إلا إنها هتمر بيه.
مفكّرتش كتير وقرّرت اني هروح أزورهم بكرة وأتكلم معاها في الموضوع دا، وبعد شوية دخلت من البلكونة عشان أنام.
........
-تسلم ايدك، الأكل كان طعمه يجنن.
•تسلم.
سكتت، وأنا فضلت ساكت، بصّيت لوالدتها اللي فضلت قاعدة قصادنا بُناءًا على رغبتها، واتنهدت.
قربت منها شوية، وبهدوء اتكلمت:
-كنتي عايزة تقولي ايه امبارح؟
•كشّرِت: امتى؟
-لما كنا بنتكلم امبارح.
مردتش وبصت لبعيد، وأنا كررت سؤالي من تاني.
-روان.
•نفخت: مش فاكرة يا يونس.
-مش عيب عليكي تكذبي وانتي حافظة كتاب ربنا يا مؤمنة؟
قلتها بهزار، بس فجأة لقيتها عيطت، غطت وشها بايديها وشهقاتها علت، وأنا قاعد في مكاني متجمّد مش عارف أعمل ايه.
-بتوتر: روان.. أنا..
~حصل ايه يا يونس؟
بصيت لوالدتها اللي واقفة بتبص لبنتها بخضة، فرفعت كتفي بمعني مش عارف، رجعت أبص لروان وبعد ثواني قمت وقعدت قصادها على الأرض، شيلت إيديها من فوق وشها، وبلين:
-طب ينفع ست الحُسن تبكي وتوجع قلبي كدا؟
ابتسمت من وسط بُكاها على اللقب اللي بناديها ليه، وأنا بلين شديت ايديها وقربتها من قلبي.
-طب عشان خاطر قلبي بلاش بُكا.
شهقاتها هدت، حاولت تشد ايديها بس أنا كنت ماسكها كويس، وبعد فترة.. هدت تماما.
•بإحراج: يونس، سيب إيدي.
-لما تقولي كنتي بتعيطي ليه.
•اتنهدت: أنا بس.. افتكرت بابا.
ضغطت على إيدها بتلقائية، معرفتش أرد، وهي اتنهدت وسكتت، عم صابر -والدها- اتوفى السنة اللي فاتت، ومن وقتها وهي كل كلمة تفكرها بيه تخليها تنهار بالشكل دا.
الصمت طال وهي بعد شوية اتكلمِت:
•كان دايما يقولي نفس الجملة دي.
-روان، هو..
•قاطعتني بخنقة: أنا عارفة إنه في مكان أحسن، وعارفة إن الموت علينا حق.. بس أنا مكانش ليا غيره يا يونس.
-هو أنا كيس جوافة؟
•ضحكت: يا يونس بقى.
-ما تيجي نقدم الفرح.
وزي كل مرة لمحت الخوف في عنيها، لفيت لمامتها اللي كانت جنبنا من شوية بس ملقيتهاش، فاتعدلت وقعدت جنبها.
-خايفة ليه يا روان؟
•هي روضة مجاتش معاك ليه؟
-بغيظ: روضة جوزها جه خدها، وبعدين متتوّهيش الموضوع، خايفة مني ليه يا روان؟
•اتنهدت: مش عارفة.
-طب برضه مش هترحمي فضولي وتقوليلي كنتي بتسالي على ايه امبارح؟
رفعت عنيها ليا بسرعة، وبقلق وصلني من نبرة صوتها:
•يونس.. هو انت ممكن في يوم تمد ايدك عليا لو عصّبتك؟
بربشت بعنيا لأكتر من مرة وسكت، أنا مش هنكر إن عصبيتي وحشة وبتوصل بيا فعلا لإني ممكن أكسر أي حاجة قدامي لو اتنرفزت جامد.. بس لا يمكن، أبدا، ابدا، أمد إيدي على واحدة مهما كانت هي مين.
طلعت من حالة الذهول دي بعد دقايق، وبلين شديت ايدها وحاوطها بكفوفي، رسمت ابتسامة هادية على وشي من قبل ما أبدأ أتكلم بصوت لين:
-انتي شايفة إني ممكن أعمل حاجة زي دي؟
•مش.. مش عارفة.
-انتي عارفة ايه رأي الإسلام في النقطة دي؟
هزت راسها، وبدات تتكلم:
•اللي سمعته إنه مينفعش الراجل يمد إيده على زوجته.
-ابتسمت: ربنا قال عن ضرب النساء: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: 34]، وهنا مقَصَدش بالضرب إهانة الزوجة وإيذائها، بل استخدام الضرب كوسيلة للعتاب ولـ بيان إنها غلطت وإنه بيعاقبها، وبيكون تربيتًا باليد أو السواك أو فرشاة الأسنان.
•قاطعتني: سواك؟
-كملت: النبي قال في النقطة دي (واضربوهن ضربا غير مبرح)، وقد أخرج ابن جرير عن عطاء قال: قلت لابن عباس، رضي الله عنهما: ما الضرب غير المُبَرِّح؟ قال: "بالسواك ونحوه"، دا غير إن معظم الفقهاء أجمعوا على الكلام دا؛ عشان الضرب هنا غرضه تنبيه الست للغلط اللي عملته مش إيذائها.
هزّت راسها بفهم، بس بعد شوية بصتلي بحيرة، وبتوهان:
•طب يعني انت بتقولي كل دا ليه؟
-اتنهدت: انا عارف انك لسة معرفتنيش كويس ومش قادرة تثقي فيا بشكل كامل، فمحبّيتش أقولك إن نقطة ضرب الستات دي أنا برفضها تماما عشان انتي لسة مش عارفة شخصيتي ومش فاهماني، بس تفتكري إني كواحد حافظ لكتاب الله، كنت في فترة إمام المسجد، والحمد لله لحد اللحظة بحاول أراعي ربنا وأتّقيه فيكي.. ممكن في يوم أمد إيدي عليكي؟
سكتّ وسيبتها تقلّب كلامي في دماغها.. مع إننا قضينا فترة خطوبة طويلة دخلت في السنتين ونص إلا إننا أصرّينا مع بعض نقضيها بطريقة شرعية ترضي ربنا، وكانت النتيجة إني فهمت جزء من شخصيتها بسبب المواقف اللي مرّينا بيها سوا، أما الجزء التاني فأديني لسة بتعرّف عليه.
هزّت راسها بعد فترة وبصوت واطي:
•أنا مش عارفة فكّرت كدا ليه، بس..
-قاطعتها: من حقك تفكري، ومن حقك تسأليني في أي حاجة فيا مش فاهماها يا روان، احنا هنتجوز، يعني هنعيش سوا، هنشيل مسؤلية بعض، ولو حصل بإذن الله هيجي علينا يوم هينطلب مننا فيه اننا نربي طفل سوا، فلازم زي ما هتكوني واضحة بالنسبالي أكون واضح ومفهوم بالنسبالك.
ابتسمت وسكتت، وأنا اتنهدت وفضلت ساكت، ثواني واتكلّمت:
-مش هنقدّم الفرح بقى؟
........
-ما تعمليلنا فشار وتيجي نقعد في البلكونة شوية، وحشتني القاعدة معاكي جدا.
•مش عايزة أسهر، عايزة أنام.
قربت منها وشدّيتها لحضني، وبالرغم من إنها حاولت تقاومني إلا إني فضلت ماسك فيها، وبهمس:
-ست الحُسن مش راضية عني ليه؟
هدت في ثواني، وفي لحظة اتنهدت، سندت راسها على صدري، وبصوت مُرهق:
•عشان انت مسافر بقالك اسبوعين وسايب ست الحُسن تخبط دماغها في الحيطة هنا.
نبرتها اتخنقت مرة واحدة، وحسّيت انها هتعيّط، بعدت عنها وحاوطت وشها بكفوفي، وبسرعة:
-طب بالله عليكي ما تعيطي، روان.. بالله عليكي اهدي.
خدت كذا نفس ورا بعض، وبخنقة ضربتني بغيظ:
•انت مستفز، انت مش متخيل انت وحشتني ازاي يا غبي.
ضحكت وشدّيتها لحضني من تاني، اتنهدنا في نفس الوقت، وفي نفس اللحظة، همسنا بحب:
-على فكرة يعني.. أنا بحبك-
"وَتَاللّٰهِ مَا زَادَنِي الفِرَاقُ سِوَىٰ لَوْعَةً لِـ لِقَاءِ عَيْنَاك."
تعليقات
إرسال تعليق