_في الصباح الباكر كانت مريم تتوضأ لكي تؤدي فرضها فهذه مريم التي لا تفوت فرضًا واحدًا من صلاتها..توضأت و أدت فرضها وجلست تقرأ وردها اليومي..وما ان انتهت حتى ظهر صوت والدتها تناديها لكي تساعدها في اعداد الطعام
قالت والدة مريم وهي تعد الطعام:
- صليتي يا مريم وخلصتي اللي وراكي؟
اردفت مريم وهي تبتسم:
- اه يا ماما الحمدلله والله حاسة براحة رهيبة كده بعد ما صليت وقرأت القرآن بحس القرآن ده اكتر حاجه بتطمني لما بكون خايفة وبتسعدني لما بكون متضايقة
ابتسمت والدتها ونظرت اليها وهي تقول:
- طبعا كلام ربنا ده اكتر حاجه ممكن تريح وتسعد الواحد
سكتت قليلا ثم تشدقت قائلة:
- بت يا مريم انزلي تحت عند جارتنا اديلها طبق الحلويات ده
اخذت مريم الطبق ثم غادرت وهي تتمتم بحنق:
- مفيش غير مريم اللي بتعمل كل حاجه في البيت ده
ثم ارتدت اسدال الصلاة ونزلت لتطرق على باب تلك الجارة
فتح لها شاب يدعى معاذ ذلك الشاب الذي كلما رأته يدق قلبها بشدة
خرجت من شرودها وهي تخفض بصرها سريعًا وتقول بخجل:
- اتفضل ماما بعتالكوا الطبق ده
تحدث معاذ بوجه جامد كعادته:
- شكرًا يا انسه مريم
صعدت مريم وهي منكسة رأسها بحزن هي تحبه بشدة ولكن هو دائمًا ما يحدثها بجمود لا تعرف سببه
بينما في الاسفل كان معاذ يراقب صعودها وحزنها نعم انه يعلم انها تحبه وهو ايضًا يحبها بل يعشقها ولكن يجب ان يفعل ذلك فهو ينتظر ان يتثبت في تلك الوظيفه التي عمل بها حديثًا وينتظر ان يعلن لها عن حبه في الحلال عندما تكون زوجته فهو لم ولن يعصي ربه وينتظر ان تكون زوجته امام الله ووقتها سوف يغرقها بكلمات الحب ولكن في الحلال
في الاعلى كانت مريم تجلس في غرفتها تبكي بشدة تبكي بقلب ينزف لعدم حبه لها فهو دائمًا ما يحدثها ببرود وجمود وهي لا تعلم لماذا يحدثها هكذا
توقفت عن البكاء قليلا وهي تدعي ربها:
- يارب لو هو خير ليا قربه مني ولو شر ابعده عني وشيل حبه من قلبي.
بعد مرور عدة اشهر على هذا اليوم كانت مريم تجلس في غرفتها تتجهز فاليوم سوف يأتي شاب لخطبتها هي لا تعرفه ولكن والدها هو من قال لها ان هناك من يريد ان يتقدم لخطبتها وهي تثق بأبيها تمام الثقه
جلست تحادث شهد صديقتها وتقول لها بتوتر وحزن:
- خايفه اوي يا شهد بجد ومتوتره و في نفس الوقت حاسه اني زعلانه على معاذ اللي حبيته و في الاخر مش هبقى من نصيبه زعلانه على قلبي اللي مش هيعرف يحب غيره
اردفت شهد قائلة وهي تحتضن صديقتها بل اختها التي تربت معها منذ الصغر:
- صدقيني ربنا مش بيجيب اي حاجه وحشه و ان شاء الله العريس اللي جاي ده يكون خير وعوض ليكي عن كل اللي عشتيه في حياتك
بينما في الخارج كان الشاب قد وصل حديثًا وأخذ والد مريم يرحب به بشدة وبعدها جلس الشاب وبدأ يتحدث عن وظيفته وحياته ووالد مريم يستمع له بصدر رحب
- بص يابني انا مبدأيًا موافق بس طبعا القرار يرجع لمريم
تحدث ذلك الشاب وهو يبتسم ابتسامة هادئة:
- طبعا يا عمي وانا ان شاء الله واثق انها هتوافق واللي فيه الخير يقدمه ربنا
ابتسم له والد مريم وقام بمناداة ابنته لكي تجلس وتتعرف عليه
خرجت مريم وتوترها يظهر بشدة على وجهها الذي لم تضع فيه اي مساحيق تجميل فهي تؤمن ان الله سبحانه وتعالى خلقها في احسن صوره ولا داعي لهذه المساحيق
اقتربت مريم من والدها ثم جلست بجانبه ولم ترفع عينيها على الشاب الذي بمجرد ما دخلت وقلبه يدق بعنف لم يصدق انها واخيرا سوف تكون معه و حلاله
قال والد مريم بحنان لابنته:
- ريمو حبيبتي طبعا مش عايز اي قرار منك دلوقتي قبل ما تقعدي مع عريسك وتكلميه شويه وتتعرفوا على بعض انا دلوقتي هسيبك شويه بس متخافيش انا هقعد قريب منكوا هنا ومش هبعد
هزت مريم رأسها ايجابًا وهي تفرك يديها بتوتر
فقال الشاب لكي ينزع ذلك التوتر والصمت:
- انسه مريم تحبي تعرفي عني ايه؟ وايه الاسئله اللي في دماغك دلوقتي؟
صُدمت مريم وهي تستمع الى ذلك الصوت الذي تحفظه عن ظهر قلب وذلك الصوت لم يكن سوى صوت:
- معااذ!!
نطقت هذه الكلمه وهي ترفع عينيها لتشاهده يبتسم بشده من صدمتها تلك وقال بحنان غريب عليه:
- ايوه معاذ وعايزك دلوقتي تسألي كل الاسئلة اللي انتي عايزاها
بس قبل اي حاجه انا اتفقت مع عمي اني اكتب الكتاب في اسرع وقت لاني مش هقدر استنى اكتر من كده
تحدثت مريم وهي لا تزال في صدمتها:
- بس..بس ازاي وانت طول عمرك بتكلمني ببرود ومش بتتعامل معايا كتير ولا اي حاجه
اردف بمزاح لكي لا يزيد من توترها:
- ابدًا ياستي اصلهم بيقولوا لان الحلال اجمل سأنتظر وانا اهو انتظرت بما فيه الكفايه ودلوقتي جيه الوقت اللي هتبقي حلالي فيه
- بس انا لسه موافقتش
- ها قوليلي بقى تحبي معاد كتب الكتاب يكون امتى؟
- على فكره انت كده بتضغط عليا وانا ممكن اقول لبابا اني مش موافقه
- تمام كده كتب الكتاب يبقى الخميس الجاي ان شاء الله..استأذن انا بقى
ثم تركها ورحل دون اضافة اي كلمة اخرى
فذهب والدها اليها وقال ممازحًا:
- ايه رأيك يا ريمو في الواد ده اجوزهولك ولا بلاش وتخليكي قاعده معايا
نظرت لوالدها بخجل فضحك وقال بحنان:
كبرتي يا نور عيني وخلاص هتتجوزي وهتبعدي عني
ادمعت عينيها فرحًا وحبًا لوالدها الذي لطالما كان يغرقها بحنانه وحبه لها والقت نفسها بأحضانه
- وانا مليش مكان بقى في الحضن العائلي ده ولا ايه
ضحكت مريم وهي تضم والدتها اليهم في مشهد عائلي دافئ
جاء اليوم المنتظر وكانت التجهيزات تعمل على قدم وساق والعمال يقوموا بوضع الزينة في جميع انحاء المنزل تجهيزًا لعقد القرآن
كانت في غرفتها وقد ارتدت فستانها ذو اللون الابيض الهادئ وحجاب من نفس لون الفستان فقد اتفقوا على انهم لن يقوموا بعمل حفل زفاف لكي لا يعصوا ربهم في بداية حياتهم
واخيرا حان موعد التقاء القلوب وقد حضر معاذ وهو يتألق ببدلة سوداء وقميص ابيض وهو الآن يجلس ولم يرفع عينيه من عليها منذ بداية جلسته وبجانبه المأذون وعلى الجانب الآخر يجلس والد مريم وتم عقد القرآن وقال المأذون جملته الشهيرة(بالك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم في خير) ثم تعالت الزغاريد و امتلأ المكان بالسعادة وفي ثواني كان يقوم من مقعده ويتجه اليها مسرعًا يعتصرها بين احضانه وهو يحمد الله انها واخيرا صارت زوجته
- واخيرا بقيتي من نصيبي يا مريم انا مش مصدق انتي مش متخيله انا بقالي قد ايه مستني اللحظه دي انا بحبك وكلمة بحبك دي اقل كلمه ممكن اقولهالك
ادمعت عينيها فرحًا من حديثه واردفت:
- انا اللي مش عارفه اقولك ايه انا عديت مرحلة الحب دي من زمان وعمري ما كنت اتخيل اني في يوم من الايام ابقى فرحانه زي ما انا فرحانه دلوقتي كده
- ربنا يديمك ليا وربنا يعيني اني اكون ليكي الزوج اللي بتتمنيه واحفظك القرآن وتكوني طريقي للجنه ان شاء الله.
تعليقات
إرسال تعليق