كان هناك رجلا يكره النساء كرها شديدا ويتمنى أن يفعل بهن شئ يجعلهن يتعذبن ويتذوقن الآلم والعذاب، فذهب إلى رجل يصنع السموم وطلب منه أن يعطيه اشد السموم فتكا فأعطاه الرجل ما أراد .
فأخذ السم وصبه في بحيرة صغيرة كانت تستحم بها النساء في بلدته فماتت بعض النساء ومرض البعض الآخر وعلم الجميع أن البحيرة بها سم فإجتنبوها لوقت طويل حتى عاد الماء نقي .
فغضب الرجل وذهب إلى حاكم المدينة وتقترب منه حتى صار صديقه ويثق به وبدأ يوغر صدره ضد النساء حتى قام الحاكم بإصدار العديد من التشريعات ضد النساء وازداد الظلم على النساء بسبب هذه التشريعات فسجن الكثير والكثير من النساء ومات البعض منهن قهرا فتشرد الاطفال في الشوارع وأصبح اغلب الرجال يعانون بسبب غياب النساء في السجون أو موتهن قهرا، فأدرك الجميع أن كل ذلك بسبب الظلم الواقع على النساء فثار الناس ضد الحاكم واسقطوه وعادت القوانين عادلة كما كانت .
فعاد الرجل الماكر لغضبه يفكر كيف ينتقم من النساء؟
وبعد تفكير قرر أنه هذه المره سيوغر صدور الرجال جميعا ضد النساء وليس الحاكم فقط وسار بين الرجال جميعا يوغر صدورهم ضد النساء وشيئا فشيئا سار الرجال يضربون النساء ويحقروهن وكل رجل يتزوج يعتبر زوجته جارية و عبدة له.
حتى كرهت النساء الرجال و الانجاب والزواج فعزفت النساء عن الزواج فظل الرجال عزاب فعاد الرجال إلى سابق عهدهم من الاحترام للنساء فعادت النساء للزواج وعاد كل شئ كما كان وعاد الرجل الماكر لغضبه ...
وبينما هو جالس منعزل في غضبه شاهده رجل كان يمر رجل بملامح حادة يرتدي رداء اسود وكان يبتسم بمكر وخبث وكأنه يعلم سبب غضب الرجل فلاحظه الرجل فقال له بغضب: لماذا تضحك يا هذا؟
فقال الرجل بخبث: لانك تحاول تدمير النساء من الخارج وهن أقوياء من الداخل...
فتعجبت الرجل وقال: وكيف علمت أنني اود الانتقام من النساء؟
لم يجيبه الرجل بل تابع ابتسامته في مكر ثم قال: هل تود الانتقام من النساء حقا؟
اومئ الرجل برأسه بغضب وقال: أجل .
فتابع الماكر حديثه: ستأتي معي في جبلي وتقوم على خدمتي في كهفي وبعدها سأعطيك ما تنتقم به من النساء إلى الأبد .
فكر الرجل للحظة ثم قال في سره: أنا أحاول الانتقام من النساء منذ سنوات وفي كل محاولة بعد عناء وتعب اخسر واعود كما كنت فلا بأس بأن اجرب مرة اخرى مع هذا الرجل .
فسار مع الرجل الذي يسكن في كهف في وسط الجبال وما أن دلفا إلى الكهف حتى قال الرجل الماكر : من أجل أن أصنع لك ما تريد سأحتاج إلى وقت وجهد لذا سأتفرغ تماما لصنع هذا الشي وأنت ستقوم بخدمتي وإحضار الماء من البئر وري نباتاتي وأشجاري التي اتغذى عليها وستجدها مزروعة خلف الجبل التالي وتطهو الطعام وتنظيف الكهف .
اخرج الرجل زفيرا وقال: حسنا أنا موافق .
واستدار وهو يقول لنفسه عدة أيام وينتهي مما سأنتقم به من النساء واعود لمنزلي.
ومرت الايام وهو يحضر الماء من البئر ويروي الزرع و يطهو الطعام وينظف الكهف ولم يصنع له الرجل ما أراد بل يجده دائما يدلف إلى مكان في نهاية الكهف وهو مظلم ويظل به لساعات .
وعندما يقتل الفضول الرجل ويقترب من ذلك المكان ليتجسس سرعان ما يخرج الرجل من ذلك المكان وهو غاضب وينهره على ما يفعل .
حتى اصبح الرجل نفسه يشك به وظل ينتظر وينتظر حتى تيقن أن ذلك الرجل هو ساحر، أجل أنه ساحر يمارس السر في الخفاء في الظلام .
ومرت بدلا من الايام شهور ثم عام كامل والرجل يخشى أن يسأل الساحر حتى جاء له الساحر وهو يحمل شئ مغطى بقطعة قماش سوداء ويبدو أن أسفلها إناء كالزجاجة وقال: هذا ما طلبت وانتظرت لأجله عام ولكنه سيدوم للأبد .
فحمل الرجل ذلك الشئ وهو يفكر أنه سحر إذن كيف سأجعله يعمل؟ وإن بدأ مفعوله سيسحر عين امرأة أو إثنان أو ثلاثة وانا اريد أن انتقم من كل النساء!
كما أنني لو اردت المزيد منه سأجبر أن أخدم ذلك الساحر عام كامل كأجر له وهذا غير ممكن فهكذا سأظل ما بقى من عمري عبد عنده .
فضحك الساحر بلئم وقال: لم تسألني كيف يعمل هذا السحر؟
فقال الرجل : كنت أود أن أسأل حقا كيف سيعمل ذلك السحر؟
وما فائدة أن يسحر عين امرأة أو اثنين وانا أود الانتقام من كل النساء وثمن ذلك الشئ باهظ لأنني خدمتك عام فإذا اردت المزيد فلن استطيع أن أدفع من عمري عام لأحصل على سحر ثاني .
فضحك الساحر بلئم وقال: انت لن تدفع الثمن مجددا وهذا السحر سيصلح لسحر كل عيون النساء لأن كل الرجال سيقدمون هذا السحر للنساء مجانا والنساء هى من ستدفع الثمن .
وقف الرجل فاغرا فاه ثم كاد أن يسأل فقاطعة الساحر بيده وهو يرفعها للاعلى ويشير بإصبعه قائلا: اذهب من هنا وتسلق أعلى قمة جبل في بلدتك ثم انزع تلك القماشة السوداء وافتح الإناء وهكذا سيسري السحر على جميع النساء من جميع الرجال في البلدة .
فأخذ الرجل الإناء وكان حريص ألا يفتحه لأن الساحر حذره وظل يسير حتى وصل لقمة أعلى جبل في بلدته ووضع الإناء أمامه ومد يده ينزع القماشة السوداء ثم توقف وفكر بدهاء أنه لو فتح السحر هنا فإنه سيسري على نساء بلدته فقط...
لذا هبط الجبل ثانية دون أن يفتح الإناء وظل يسافر ويرحل من بلدة إلى الأخرى حتى وصل إلى أعلى جبل في العالم فتسلقه بصعوبة ورفع القماشة السوداء عن الإناء....
وتعجبت عيونه عندما وجد بها زجاجة كالكريستال فقام بفتحها، فتطاير منها في الهواء في كل مكان حوله شئ رقيق كالنسيم في ملمسه، جميل كالورد في مظهره، طيب الرائحة كالعطر، وحتى عندما تبسم ووقف فاغرا فاه تذوق لسانه بعض منه فكان طعمه كالعسل، وتطاير ذلك السحر مع الهواء في كل مكان وذهب إلى كل جانب .
فتعجب الرجل كيف سيكون ذلك الشئ انتقام من النساء وهو يجمع كل ألوان الجمال! فعاد للساحر وسأله .
فأجابه الساحر: إذا لم تجعل السم كالعسل فلن يتناوله أحد فكيف للنساء أن تقبل هذا السحر لو كان واضح للعيان قبحه؟
لمعت عيون الرجل واقتنع بمكر الساحر ولكنه قال: سأسأل سؤال اخير ولن أسأل بعده ابدا .
فأومئ الساحر برأسه بالموافقة فقال الرجل: ما أسم هذا السحر الذي أطلقته على كل النساء؟
فضحك الساحر بخبث وقال: الحب ... وإذا شئت فسميه العشق
أيجرم السحر ويترك العشق؟!
وما السحر وما العشق إلا سيان
ساحر سحر العقول
وساحر سحر القلوب
وكلاهما يسير بلا عقل وبلا عيون .
تعليقات
إرسال تعليق