كُنت راجع من الدرس ولقيت بنت صغيرة أصغر مني بأربع سنين تقريبًا في ستة ابتدائي كدا قاعدة على سلم العمارة اللي جنبنا وهي بتعيط.
= طلعت الأولى على المدرثة (المدرسة) النهاردا …
_ الاه، ودي حاجة تخليكِ تعيطي، انتِ شطورة قوي أنا فخور ببكِ
_ وانتَ تعرفني منين علشان تكون فخور بيا، دا بابا وماما ما فرحوش بيا كدا.
قالت كدا وبدأت تزيد في العياط وهي حاطة إيديها على وشها.
_ طيب بابا وماما مش فخورين بيكِ، أنا فخور يا ستي ولا أنا ما افرقش معاكِ؟
_آه انت ما تفرقش معايا أنا لثا (لسا) شيفاك النهار دا …
بصيتلها بذهول من عفويتها وقولتلها وأنا بضرب إيد على إيد:_
_ دبش أقسم بالله دبش.
_ ربنا يثترك(يسترك)
_ إيه دا انتِ عندك لدغة
_ آه عندي لدغة وما تتريقش عليا زي العيال اللي في المدرثة(المدرسة) وإلّا…
رفعتلها حاجبي وأنا بقولها بتهديد
_ ها هتعملي إيه، كملي.
قالت لي بعفوية وهي بترفع صوباعها بتهديد:_
_ هعيط واللهِ هعيط.
انفجرت في الضحك على براءتها وأنا بقولها:_
_ لا يا ستي ما تعيطيش وبعدين لدغتك حلوة قوي، يا خبر ما قولتليش اسمك إيه لحد دلوقتِ.
_ لاء ماما قالت لي ما اتكلمش مع حد غريب.
_ يعني انتِ بترغي معايا من ساعة ودلوقت خايفة تقولي لي اسمك انتِ هبلة يا بت ولا عندك عَتَه.
نفخت بغيظ وهي بتقولّي بانفعال:_
_ لو ثمحت(سمحت) اتكلم بطريقة أحثن(أحسن) من كدا، أنا انثانة(انسانة) وعندي مشاعر وأحاثيث(أحساسيس).
سلكت وداني وأنا مش مستوعب كمية الحروف الطايرة اللي اتقالت في الجملة
وقولتلها باستهزاء:_
_ أحاثيث ومشاعر! ضحكتيني واللهِ دا انتِ الاحساس الوحيد اللي بتحسي بيه هو الاحساس بالجوع اتنيلي.
_ انت انثان بارد أنا بكرهك.
_ دا على أساس إني ميت في دباديبك؟!
قامت من على السلم وهي بتصرخ يغيظ وخدودها احمرت من الغضب:_
_ انت انثان(انسان) مستفز.
قولتلها ببرود:_
_ من بعض ما عندكم يا يا حلوة.
_ بكرهك.
صرخت بيها وهي بتجري من قدامي على فوق.
ضحكت بخفة عليها
_شعنونة قوي، يا ترى هيكون اسمها إيه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نص مش قادر يذاكر ونث(نص) رافض يبقى فاشل...
_ هو لسا هيبقى فاشل، عيني في عينك كدا.
قولتلها وأنا ساند على سلم العمارة بتاعتها مستنيها تخلص علشان أوديها الكلية وأنا رايح الشغل.
حطت إيديها في وسطها وهي بتقول بتحدي:_
_ قصدك إيه يا ثائد (سائد) باشا؟
_ قلب سائد
_ ثبتني كدا يعني؟
_ إيه دا ما تثبتيش!
ردت بثقة وهي بترفع لياقة الفستان:_
_ لا اتثبت طبعًا.
_ سجدة...
_ قلبها.
غمزتلها بعيني وأنا بكمل:_
_ ما كفياكِ طلبًا للعلم بقى وتعالي اما أطلب إيدك.
_ نعم يا عثل(عسل)، أومال كتب كتاب مين اللي كان من أسبوعين دا، ثائد (سائد) ماتجننيش وإلا هعُضك
_ هتعضيني يا كبيرة يا عاقلة!
_ كبيرة إيه يا عم أنا دخلت حياة الكبار دي بالغلط أثاثًا (أساسًا) يلا بقى افرنقع عني علشان عندي محاضرة والدكتور هيفرقعني.
ضحكت بصوت عالي ورديت عليها بنفس الطريقة:_
_ لا تعالي هنفرنقع مع بعض، هوصلك النهار دا.
_ بجد هااااي، يلا بينا نفرنقع يا باشبوشتي.
قلتلها بابتسامة يائسة وأنا بهز دماغي من أفعالها الطفولية:_
_ يلا بينا يا قلب باشبوشتك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيت على رنة تليفوني ببص في الساعة لقيتها 2 الفجر أخدته من جانبي بكسل لقيت سجدة اللي بتتصل، قومت من مكاني في فزع إيه اللي يخليها تتكلم في وقت متأخر زي دا أكيد حصلها حاجة رديت بسرعة وأنا بأقول بلهفة باينة في صوتي:_
_ سجدة انتِ كويسة بتتصلي دلوقت ليه
_ ثائد قولي كيف لهذا العالم ان يكون قاثي(قاسي) مع شخص جميل مثلي…
_ نعم يا روح أمك!
_ اهدي يا منااار.
_ مناار! جيتي تكحليها نيلتيها، لما أشوفك يا أم نص لسان هعلقك، اخلصي عايزة إيه ما انتِ أكيد مش بتتصلي بيا تقولي الكلمتين دول.
سمعتها بتتنهد تنهيدة حزينة وبعديها قالت لي والحزن باين في نبرة صوتها:_
_ هتيجي بكرة صح؟
بكره تكريمها الأولى على دُفعتها زي كل سنة وعرفت المغزى من ورا سؤالها، رديت عليها بهدوء وأنا حزبن عليها:_
_ اللي كان بيمنعني إني ما أحضرش تكريماتك السنين اللي فاتت إن ما كانش في علاقة رسمية بينا بس خلااص.
كملت بهزار علشان أخرجها من جو الحُزن اللي هي فيه:_
_ بجيتي مرَتي يا بت.
سمعت ضحكتها اللي بتخلي قلبي يشرق بعد غروب طويل.
_ ما تتكلمش صعيدي تاني، تفطث(تفطس) من الضحك.
ابتسمت عليها وأنا بتنهد بعشق:_
_ من دواعي سروري أن أكسب ضحكاتكِ بعد كُل نِقاش وأخسر الباقي، فما الباقي مُهم ولكن ضحكاتُكِ هي الأهم.
_ بحبك قوي.
_ وأنا أكتر يلا بت من هنا عايز أنام، تصبحي على جنة.
_ وانتَ من أهلها.
_ وانتِ من أهلي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واقف بقالي نص ساعة تحت البيت مستني سجدة هانم تخلص لبس وأخيرًا نزلت وهي لابسة فستان اسود فيه نقط بيضة.
قولتلها وأنا عايز أنرفزها:_
_ لابسة منقط يا سجدة؟
_ عايزة أوضح نقط مهمة هقهقهق
بصيتلها بقرف ومشيت قدامها من غير ما أقول ولا كلمة.
_ ثائد، بيبي ما تخليكش قفوش كدا.
ضربتها على قفاها وأنا بقولها بقرف أكبر:_
_ بيبي! امشي يا سجدة قدامي من غير ولا كلمة أحسن بدال ما يكون يوم تكريمك يكون يوم تكفينك.
وصلنا الكلية ودخلنا القاعة اللي هتكون فيها الحفلة فضلنا مستنيين لحد ما اتنادى اسمها طلعت على منصة التكريم وأنا عيني متابعاها بفخر لقيتها بتبص ليا وعنيها مليانة دموع دي أول مرة حد يحضر معاها تكريم ليها أهلها مهما عملت ببشوفوا إن دي انجازات صغيرة مالهاش قيمة، خلصنا الحفلة وخرجنا من الجمامعة واحن ماسكين إيد بعض التفتت لي فجأة وقالت لي.
_ بحِبك قوي، انتَ أحلى حاجة في حياتي.
بصيتلها في عنيها بحب:_
_ انتِ اللي أحلى حاجة في حياتي يا بثبوثتي.
قالت بهزار:_
انت فاكر لو فضلت تبص في عيني هربكت هركتب هتبرك هرتبك؟!
ضحكت بكل صوتي وأنا بقولها
_ أبدًا
لقيتها بتقولي بدون مقدمات:_
_ حبيت الحُب مِنك انتَ.
_وانتِ الحُب اللي علمني إزاي أحب.
تعليقات
إرسال تعليق